روايات رعب

رواية ترب اليهود الفصل الرابع 4

رواية ترب اليهود الفصل الرابع 4 المشكلة أن كل الهدوم معظمها اتحرق واللي ماتحرقش خالص اتحرق منه كوم أو رجل أواتشوه بشوية أخرام حلوين، خلصنا ترويق وحطينا كل الهدوم المحروقة في شنطة سودة عشان ابقى ارميها وأنا نازل بالليل طلبت من حنان تغسل الطقم الوحيد اللي ماتحرقش وتكويه لأنه كان متعلق على الشماعة وتنضف كمان الچاكيت لأنه مش هيلحق ينشف.. واتفقت معاها إنها تسيب الشقة وتعقد عند أختها لحد ما أرجع من مشواري ده وأجيب شيخ يجي يطرد أي حاجة موجودة في المخروبة ديه.. فردت جسمي على السرير وحاولت أنام بس التفكير كان مانعني ..كُنت بفضلكمشوف بخيالي أحداث سعيدة ونهايات جميلة بتشيلني وبتوصل بيا فوق سابع سما..وفي نفس اللحظة بتقابلها أفكار سودة ونهايات مخيفة ترميني تحت سابع أرض، وعشان أتجنب النهايات المخيفة قررت إني لازم آمّن نفسي قبل ما أقابله نمت نوم قلق ، كنت بقوم كل نص ساعة تقريبًا بس كنت بحاول انام تاني لحد ما الساعة بقت ٧ بالليل وهنا انا قومت ولبست وخدت الشنطة ومبلغ كنت محوشه في درج الكومودينو، واتحركت للصالة ..سألت حنان اللي كانت قاعدة قدام التلفزيون ..
-إنتي جاهزة عشان أخدك في طريقي.
قالتلي بصوت مكتوم ..
– أنا جاهزة.
قربت عليها لاقيتها بتمسح دموعها…
-انتي بتعيطي ليه؟
ردت وهي بتبص للأرض
– لا مفيش حاجة.
حطيت إيدي تحت دقنها ورفعت وشها ليا وقولتلها..
– هتخبي عليا أنا؟
ردت وهي حابسة دموعها جوة عينيها ..
-هدوم البيبي كلها اتحرقت يا سليم.
صعبت عليا.. حنان بتشتري هدوم للبيبي كل فترة.. مرة للبنت ومرة للولد، على أمل إنه يجي في يوم من الأيام
قعدت جنبها وقولتلها ..
-هنجيب أحسن منها بس ساعتها هيكون جه ولي العهد بجد.
-مانت عارف ان الدكاترة قالوا مفيش أمل.
-الأمل في ربنا كبير ..إحنا هناخد بالأسباب هنعمل العملية الجديدة اللي اسمها الحقن ال…ال..
– قصدك الحقن المجهري؟
-ايوة هي دي.
-بس دي غالية قوي.
-مفيش حاجة تغلى عليكي أدعيلي بس ان ربنا يكرمني في المشوار ده، وهنعمل العملية ويشرف البيبي بالسلامة، ويعملنا فطير كتيرعلى ملاية السرير.
حنان ضحكت وقالت…
– مش مشكلة بس هو يجي يا سليم.
– ايوة كده افتحي أبواب الزنزانة اللي انتي حابسة فيها وشك ده وأضحكي.. إن شاء الله هيجي يا حنان.
– يا رب ..يا رب انا مستنياه بقالي كتير.. كتير أوي.
– إن شاء الله ربنا هيجبر بخاطرنا ..طيب يلا نقوم عشان ما تأخرش.
– يلا وربنا يجعلك في كل خطوة سلامة.
– يا رب.
نزلنا من البيت وركبنا التاكسي، وصلت حنان لبيت أختها وأكدت عليها ماترجعش البيت غير لما أجي اخدها،
سيبت حنان واتحركت لمنطقة معينة مشهورة بتجارة السلاح، كُنت بدور بعيني على واحد من المقاطيع اللي يقدروا يقضولي الحكاية دي ، أنا عارفهم بحكم إني سواق تاكسي، وأخيرًا لقيت واحد منهم.. ركنت التاكسي و قربت منه وقولت وأنا مُتقمص دورالشبيحة …
-مساء الفل يا كبير.. كُنت عايز حتة سلاح مُعتبره.
-بس ده هيكلفك كتير.
-بس انت هتكرمني .. ده أول تعامل بينا.
حط ايده على كتفي وقال…
-بص أنا هعمل معاك الصح ومش هاجي عليك،
انت شكلك راجل جدع وأنا بحب الرجالة الجدعة.
-حبيبي يا رجولة.
بعد عني خطوتين وطلع تليفونه من جيبه وعمل مكالمة وبعدها رجعلي وقال…
-هغيب عنك دقايق وحاجتك هتحضر.
-تمام يا كبير.
غاب فعلًا خمس دقايق ورجع ومعاه طبنجه ٩ملي وطلق حي.. حاسبته واكرمني فعلًا في السعر، خدت السلاح ومليت الخزنة وحطيته في جنبي ونزلت الچاكيت عليه عشان مايبقاش باين، اتحركت بالتاكسي على المكان اللي بلغني بيه صاحب الشنطة، وبعد شوية وصلت للمكان ، المكان ضلمة ومفيش فيه صريخ ابن يومين زي ما بيقولوا، وأنا كنت متوقع ده ..بقيت حاسس إني رايح أقابل واحد من عصابات المافيا مش مجرد راجل شنطته ضاعت منه ، حسيت بقبضة في قلبي وقولت كويس إن مأمن نفسي والسلاح معايا فضلت ماشي ونور كشافات العربية بيزيح الضلمة اللي قدامي لحد ما ضرب في شخصين واقفين على جنب الطريق.. لما دققت النظر فيهم لقيت واحد منهم هو الراجل صاحب الشنطة ومعاه راجل تاني في بداية الخمسينات، بدقن طويلة ولابس جلابية بلدي وماسك سبحة في إيده، لما شافوني شاورو بإيديهم فدوست فرامل ووقفت.. قربوا ناحيتي، حطيت إيدي على السلاح عشان أطمن إنه موجود، نزلت من العربية واتحركت ناحيتهم ولما بقينا قصاد بعض صاحب الشنطة قال…
-فين الشنطة اللي أنا نسيتها معاك؟
رديت عليه ببرود…
-الشنطه مش معايا.
برق لي واتعصب وقال…
– مش معاك إزاي ! المفروض ان دي أمانة وعليك إنك ترد الأمانة لصاحبها.
-أكيد.. بس اللي بيرجع أمانة مش بيكون ليه نسبة ١٠ ٪ من قيمتها.
قولت كلامي ده وبصيت للراجل اللي معاه، وكملت وقولت…
– صح ولا إيه يا عم الشيخ؟
صاحب الشنطة رد عليا بنرفزة …
-١٠٪ إيه ..مفيش الكلام ده.
الشيخ اللي معاه تدخل في الكلام وقال بهدوء…
-استنى انت يا ألبيرتير.
بصلي وقال…
-ولو عرفت ان الشنطة مفيهاش فلوس وكل اللي فيها شوية ورق ..ومش هيفيدوك بشيء.
-شوية ورق ؟.. انت شايفني غبي للدرجة دي، مقابلني في مكان شبة الأماكن اللي بيتقابل فيها تجار السلاح والمخدرات وتقولي شوية ورق.. أنا فتحت الشنطة وعرفت فيها إيه.
وهنا عين الراجل صاحب الشنطة وسعت على آخرها، وبان عليه التوتر، عكس الشيخ اللي كان هادي وزي ما يكون كان متوقع إني فتحت الشنطة، كملت كلامي وقولت…
-بُص يا عم الشيخ.. الإنسان بيعيش مرة واحدة والفرصة برضه مابتجيش غير مرة واحدة، ولازم الإنسان يستغلها، أنا عارف أن اللي جوة الشنطة شئ نادر ومن خلال اللي فيها هتقدروا توصلوا لخير كبير أو بمعنى أدق كنز.. تورتاية كبيرة وأنا مش عايز غير حتة من التورتاية دي فعشان أسلمك الشنطة عندك حل واحد مالوش تاني وهو إني هاخد من حضراتكم مليون جنيه وحضراتكم هتاخدوا الشنطة معززة مكرمة. صاحب الشنطة عقد حواجبه وقال…
-لا طبعًا، ده بيستهبل.. انت بتبتزنا.
-أه ببتزوكوا.. والنبي بلاش تحسسني إني واقف قدام ملاك بجناحين.. كلنا هدفنا واحد.
الشيخ بصلي بخبث وقال
-بس أنا ممكن أذيك وأخد الشنطة.
رديت عليه بثقة…
-هتعمل إيه يعني؟ مابيخدش الروح غير اللي خلقها،
ولو كنت تقدر تعمل حاجه كنت عملت من غير ما تهدد.
بصلي بنظرة غضب…
-انت قلبك جامد وأنا بحب النوعية دي من الناس، بس المبلغ اللي انت طلبته من الآخر كده مش متوفر معانا دلوقتي، فأنا عندي حل هيرضي جميع الأطراف، انت هتشارك معانا في الحفر، وهنقسم اللي هيخرج بينا وأتأكد أن تقسيمي هيرضيك، وهيكون أكتر بكتير من المليون جنيه اللي انت طلبتهم.
صاحب الشنطة اتدخل في الكلام وقال…
– لا أنا مش موافق.
بصيت لوشه السمج وقولت…
-خليك محضر خير يا استاذ كربراتير.
جز على سنانه وقالي …
-اسمي ألبيرتير يا بني آدم.
-مختلفناش.
-لا إختلفنا.
– تصدق عندك حق في إختلاف بينكم هو شغلته التبريد وأنت شغلتك التسخين.. ما تهدى على نفسك يا عم ليطق لك عرق.. الشيخ قال كلمته خلاص وأنا موافق.
الشيخ اتكلم بنبرة حادة ووجه كلامه لصاحب الشنطة…
-الموضوع انتهى يا ألبيرتير هو هيكون معانا ..إحنا كُنا محتاجين حد في الحفر يكون قلبه جامد ومايخافش، والشيمي لو هنعتمد عليه في الحفر، يبقى مش هنخلص المصلحة دي قبل سنة.. هي كده ظبطت نفسها بنفسها إحنا كنا محتاجين حد تاني معانا.. ودلوقتي عايزين نركز في المهم احنا لازم نجيب الشنطة ونطلع على ترب اليـ!!!هود النهاردة.. التربي كان مجهز كل حاجة امبارح بس الشنطة هي اللي عطلتنا.
بصيت للشيخ وقولتله…
– بما إننا وصلنا لإتفاق فأنا اسمي سليم، والشنطة موجودة معايا في العربية.. بس لازم تدوني الأمان ونتعاهد ان مفيش غدر بينا.. ويا ريت تعرفني اسمك ياعم الشيخ.
-أنا الشيخ عياش ..وبديك الأمان ..وبعاهدك ان مفيش غدر بينا.
بصيت لألبيرتير وقولتله…
– إيه يا عم مش هتديني الأمان ونتعاهد ان مفيش غدر بينا.
– بديك الأمان وبتعاهد ان مفيش غدر بينا.
كان بيقولها والضيق كان باين على وشه فقولتله …
– أنا كان في سؤال محشور في زوري عايز اسألهولك من ساعة ما شوفتك.. انت جنس مِيلتك إيه ؟
-أفندم !!!
-قصدي مِلتك.. دينك يعني.
– أنا يهودي.
-يهـ!!!ودي أه .. وأكيد إسـ!!!!رائيلي ودول الغدر من طبعهم.
الكراهية بانت في عينيه ،فالشيخ عياش ادخل بسرعة …
-يا جماعة لازم نبعد الخلافات اللي بينا دي دلوقتي، ونركز في الخير اللي هيعيشنا إحنا وأهلينا ملوك، والورثة كمان من بعدنا، فليه هيبقى في غدر من الأساس خلونا نحط إيدينا في إيد بعض، وكله هيخرج مستفيد.. صدقوني.
حركنا راسنا بالموافقة وكل واحد مش مرتاح للتاني.. اتحركنا وأنا ركبت التاكسي بتاعي وهما ركبوا عربية غالية كانت معاهم .. أخرت نفسي وخليت العربية بتاعتهم تمشي قدامي وأنا مشيت وراهم تحسُبًا لأي حركة غدر كده أو كده، وصلنا لمدخل ترب اليـ!!! هود، نزلنا من العربيات، رُحت ناحية شنطة عربيتي وفتحتها، طلعتها وإديتها للشيخ عياش، لاحظت ان ألبيرتير خرج سبحة من جيبه مرسوم على حباتها نجمة داوود.. كملنا مشي على رجلينا لحد ما دخلنا الترب، ألبيرتير بعد ما حط أول خطوة جوة الترب ظهر على وشه علامات الخشوع وحرك حبات سبحته وبدأ يقول كلام بلغة مش مفهومة وكأنه بيقرأ شئ زي الفاتحة بدينه وبلغته، بعد كام خطوة جوة الترب الدنيا بقت ضلمة إلا من نور لمبة جاي من أوضة صغيرة على مسافة مش بعيدة مننا، إتحركنا في إتجاه النور ..وهنا خرج من الأوضة دي شخص ماسك كلوب في إيده وبدأ يقرب مننا والشيخ عياش خد خطوات ناحيته وإحنا بدورنا مِشينا وراه.. الشخص اللي بيقرب مننا كان منظره وطريقة مشيته خليتني شكيت في أمره، ضوء الكلوب كان مِبين ملامحه، وشه شاحب وملوش لون وحركة جسمه الفاضية من اللحم غريبة وخلتني أحس إنه جثة هربانة من قبرها وجاية علينا
قولت وأنا بدقق النظر في الراجل ده…
-إيه يا شيخ عياش الراجل ده !!..هو مالو عامل كده ليه ؟.. هو ده بني آدم زينا؟
الشيخ عياش حرك حبيتين من سبحته وهو قاعد بيهمهم بكلام مش مسموع ومكمل في طريقه ليه، كنت هاعيد عليه الكلام تاني.. ولكنه رفع إيده الحرة من السبحة بمعنى اسكت، أنا سمعتك.. سِكت واستنيت وصول الراجل ده لينا أو وصولنا ليه وأول ما قرب علينا اتكلم الشخص ده وقال بصوت فاضي ومبحوح …
-اتأخرت يا شيخ عياش ..وعددكم زايد واحد.
-معلش في شوية حاجات عطلتنا يا شيمي، وإحنا زدنا واحد عشان يساعدنا في الحفر وانت تركز في مهمة تأمين البوابة، أهم حاجة كله تمام.
الشيمي رفع صباع الإبهام في وشنا وقال…
-كله تمام ماتقلقش الدنيا أمان.
الشيخ عياش بصله وابتسم…
-خلاص يبقى هنبدأ حالًا.
الشيمي حرك بُقه الفاضي من سنانه وقاله…
-طيب مفيش أي حاجة نبل بيها ريقنا اللي الناشف ده.
الشيخ عياش بص لألبيرتير…
-اديله نص المبلغ دلوقتي والنص التاني بعد ما نوصل للي إحنا جايين عشانه.
ألبيرتير فتح الشنطة واللي كان فيها فلوس كتير وإداها للشيمي ..اللي أكيد هو التُربي المسؤول عن ترب اليهود
الشيمي عينه لمعت وحضن الشنطة بين درعاته وقال…
-يدوم العز يا شيخ عياش.
وبعدها خد بعضه ودخل أوضته، حط الشنطة جوة وخرج من الأوضة ومعاه كلوب تاني، حطه على الارض وخرج بعدها شنطة فيها عِدة تكسير واتنين كوريك.. قفل باب الأوضة، ونادى عليا عشان أشيل معاه الحاجة، قربت وخدت منه شنطة العدة ورفعت الكوريكين على كتفي.. الشيخ عياش قرب علينا هو كمان وخد الكلوب التاني، وبدأنا نتحرك كلنا داخل المقابر.. الجو مُقبض جدًا.. ضوء الكلوب بيضرب في شواهد القبور اللي كلها مكتوب عليها أسماء يهـ!!! ودية ومنقوش تحت كل إسم نجمة داوود.. ألبيرتير والشيخ عياش كانوا متقدمين عني أنا والشيمي بكام خطوة.. فتحوا المخطوطات والخرايط القديمة وفضلوا ماشيين لحد ما وصلوا لنقطة معينة أو شاهد معين ووقفوا ..كان مكتوب على الشاهد اسم المتوفى”عيزرا مزراحي”
الشيخ عياش شاور بصباعه وقال…
-أفتحوا القبر ده.
القبر كان عليه قطعة رخامية كبيرة مرفوعة على سور مبني بالطوب ومتقفل بالرخام ..القبر ده كان مُميز عن كل القبور اللي حواليه ، تحس إنه فخم برغم التراب وخيوط العنكبوت اللي ساكنة كل ركن فيه، مسحنا التراب وكسرنا الأسمنت اللي ماسك القطعة الرخامية بالعدة اللي معانا ورفعنا الرخامة واللي كانت تقيلة.. بس قدرنا نرفعها مع بعض وفتحنا القبر،
الشيخ عياش قال هنبعد عن التربة حوالي ساعة عشان تتهوا وتخرج منها أي حاجة ممكن تأذينا، وقفنا بعيد.. المكان فاضي.. والجو شتا.. كُنت واقف بنفخ في إيدي وافركها في بعض عشان تسخن لأني ماكُنتش حاسس بيها، الشيمي قطع الصمت و قال…
-هعملكم حاجة تشربوها تدفيكم ..الشتا السنة دي جاي شديد.
الشيخ عياش قاله…
-أعملي شوية شاي.
الشيمي بصلي وقالي…
-تشرب إيه ؟
-أشرب سجاير.
الشيخ عياش إبتسم إبتسامة خفيفة بجنب بُقه كده وقالي…
-حويط انت ..ماتخفش مش هيحطلك حاجة في الشاي وعشان تتطمن هشرب أنا منه الأول.
الشيمي جاب الشاي والشيخ عياش شرب شوية من الكوباية بتاعتي وقالي…
-هه اطمنت.
كملت الكوباية لأني كنت عايز اي حاجة تدفي جسمي اللي بقى بارد زي الجثث، عدى شوية وقت وفجأة سمعت صوت زنة دبانة جنب ودني كُنت مستغرب لأننا في عز الشتا والطبيعي أن مايكونش فيه دبان في السقعة دي، لما هشتها راحت ناحية الكلوب ووقفت عليه ، فبانت هيئتها .. الدبانة عملت ضل كبير على الأرض وكأنها وحش.. كان حجمها كبير ولونها ماكانش أسود.. لونها كان أزرق، الشيخ عياش لمح الدبانة لأن انعكاسها لفت الأنظار ليها وبدأ يهمم بصوت واطي ..حسيت إنه أتوتر فقولتله …
-هو في حاجة يا شيخ عياش؟
-وجود الدبان الأزرق شئ مش مريح.
ليه مش فاهم؟
– الدبانة دي ممكن ماتكونش دبانة عادية، دي ممكن تبقى روح الشخص اللي فتحنا قبره وهو معترض على وجودنا هنا.
-لا لا .. طبيعي يكون الدبان موجود في المقابر وده لأنه بيتغذى على الجثث، وهنا في جثث.
-بس هنا الجثث كلها إتحللت من سنين كتير وانتهت خلاص والمفروض مايبقاش في دبان لأن مفيش جثث جديدة بتدخل الترب.
ماعرفتش أرد عليه لأن كلامه منطقي واكتفيت برفع أكتافي،
ألبيرتير قعد جنب الشيخ عياش وقال …
-عندنا بعض العرافين اليهود بيقولوا ان الدبان الأزرق بيحس بالجثث قبل ما تموت وبيقربوا من المكان اللي هتكون موجودة فيه.
قولتله بحده ..
– دول مُتخلفين مش عرافين وبيقولوا أي كلام وخلاص، الكلام مالوش أي أساس.
ألبيرتير بصلي بغل وماردش عليا، في اللحظة دي لقيت الشيخ عياش بيتلفت حواليه وضرب حاجة بحجر صغير كان ماسكه في إيده، ماكنش باين هو ضرب إيه، ولكنه مسك الشئ اللي ضربه ورفعه قدامه.. وهنا بدأ يظهر الشئ ده واللي كانت حيّة متوسطة الطول، الغريبة ان الشيخ عياش مارمهاش بعد ما ضربها لا، ده حطها جوة جيب جلابيته وهو بيقول…
-كنت عارف إنك جاية وكنت مستنيكي.
حسيت ان جسمي قشعر بس مارضتش أبين إني مهزوز، وبرضة ماقدرتش أمنع فضولي وسألته…
-هو انت عملت كده ليه يا شيخ عياش؟!
رد عليا بغموض …
– كل شيء هتعرفه في أوانه.
فضلنا قاعدين لحد ما عدت الساعة.. الشيمي اتحرك ناحية القبر ووقف قدامه و قرب الكلوب عشان ينور جوة التربة وقال…
-الدنيا أمان يا شيخ عياش.. تقدروا تنزلوا.
كلنا قربنا من القبر.. الريحة كانت بشعة، مميتة، ألبيرتير قال وهوبيبعد وشه عن التربة…
-ننزل فين بس أنا هموت من الريحة وأنا برة ..أمال لما ندخل هتبقى عاملة إزاي؟
الشيخ عياش رد عليه بحزم…
-الوقت مش ملكنا ولازم نتحرك.
اتقدمنا الشيخ عياش وهو ماسك كلوب في ايده ونزلنا القبر واحد ورا التاني وكل واحد مننا حاطط منديل على مناخيره.. الشيمي قال وهو واقف فوق…
-أنا هارجع على مدخل الترب عشان أمن الدنيا وأراقب الجو، وياريت تنجزوا.
القبر ريحته لاتطاق، وفي تابوت خشبي قديم ومتهالك محطوط في ركن من أركان القبر وأكيد التابوت ده جواه جُسمان أو رفات المرحوم عيزرا.. القبر واسع ومساحته كبيرة جدًا.. الشيخ عياش حط الكلوب على الأرض وفضل يهمم بكلمات كعادته ويحرك حبات سبحته.. ألبيرتير فرد الخريطة اللي في إيده واتحرك كام خطوة ووقف عند نقطة معينة وقال المكان ده اللي هنحفر فيه، وبعدها رجع كام خطوة لورا وحط ايده في جيبه، أنا رميت المنديل ومسكت الكوريك وقربت من المكان اللي هنحفر فيه ولكن ماحدش منهم مسك أي أداة من أدوات الحفر عشان يساعدني فقولت…
-هو أنا هحفر لوحدي ولا إيه ؟!
الشيخ عياش قالي …
-أنا مش هحفر، أنا هقف على رأس الحفر عشان أعمل حماية لينا.
قولتله بعصبية …
-أنت هتعمل حماية لينا وسيادته هيعمل إيه؟ هيهندس علينا.
قولت كلامي ده وانا بشاور بصباعي على ألبيرتير، غرست الكوريك في الأرض وقولت أنا مش هبدأ في الحفر غير لما الباشا اللي حاطط إيده في جيبه يمد إيده ويحفر معايا.. الشيخ عياش قال بنفاذ صبر…
-اشتغل معاه يا ألبيرتير ماعندناش وقت نضيعه.
ألبيرتير خرج إيده من جيبه ورمى المنديل اللي معاه وهو وشه هينفجر من الغضب.. مسك الكوريك التاني ومن غير ولا كلمة قرب مني، وبدأنا حفر.. كنت مبسوط إني أجبرته على الحفر وكسرت تكبّره خصوصًا بعد ما رفض إنه يساعدني لما التاكسي عطل بينا وسابني لوحدي، التراب خلا بدلته السودة بقت لونها أصفـــــر، كُنت بَتعمد أبهدله.. أجيب التراب عليه وكأنه بدون قصد.. وهو ماكانش طايقني ولا طايق نفسه
حفرنا لعمق ٣ متر تقريبًا ومساحة الحفر كانت متر في متر وهنا ضربت الكوريك ولكنه ضرب في حاجة صلبة … ضربته تاني بس الشيء الصلب وقفني، الشيخ عياش قال ابعدوا .. نزل معانا جوة الحفر مسح بإيده التراب وكشف عن شيء صلب كأنه صخر بصلنا وهو مبتسم وقال …
-طينة الحكمة.
لقيت ألبيرتير ابتسم هو كمان وقال…
-إحنا ماشيين صح وقربنا نوصل.
قولت وأنا مستغرب…
-إيه طينة الحكمة دي ؟
الشيخ عياش بصلي وهو لسه مبتسم …
-دي الطينة اللي كان بيصنعها القدماء عشان يحفظوا بيها كنوزهم.. هي طينة بيخلطوا فيها فتات الصخور مع بعض المواد زي خُبث الحديد وغيرها، وبيتضاف عليها قشر البيض وبتكون صلبة جدًا، ولو أنت ماعندكش خبرة هتفتكر ان هنا منطقة صخرية وتوقف الحفر، ولكن احنا لو شيلنا الصخرة دي هنلاقي باب السرداب اللي هيوصل للكنز.
رديت عليه بعدم فهم …
-ودي هنكسرها إزاي؟ دي عايزة معدات تقيلة عشان تتكسر.
قالي وهو بينفض جلابيته…
-دي ليها طريقة معينة وهتبقى سهلة جدًا في تكسريها،
خصوصًا ان التربة هنا رملية مش صخرية، المهم دلوقتي انت يا سليم هتوسع الحفر لحد ما نجيب طرف الكتلة دي، وانت يا ألبيرتير روح عند الشيمي وهات من عنده الانبوبة (ومسدس النار)وجردل مايّة.. كل واحد مننا بدأ مهمته وفضلت أوسع الحفر لحد ما وصلت لطرف الكتلة الصخرية واللي ماكنش بعيد أوي، وهنا وصل ألبيرتير والشيمي ومعاهم الأنبوبة والباشبوري او بمعني اوضح مسدس النار وجردل المايّة .. الشيمي بعد ما نزل الحاجة معانا لتحت رجع مكانه على مدخل الترب، الشيخ عياش فتح الغاز وقوم النار في الباشبوري بالولاعة اللي معاه ووجهه على نص الكتلة الصخرية بالظبط مدة من الوقت، وبعدها بَعّد النارعن الصخرة ودلق عليها شوية مايّة وقال كسروا الجزء ده.. وفعلًا ده اللي عملناه والصخرة أتفتت بسهولة واتقسمت لنصين متساوين ..كررنا نفس العملية في كل نص لحد ما كسرنا الكتلة الصخرية لقطع صغيرة نقدر نرفعها، وبعد ما رفعناها كلها ظهر باب السرداب.. فتحنا الباب، وظهر قدامنا سلم، الضلمة خافية درجاته، الشيخ عياش قرب الكلوب من باب السرداب والنور بدأ يزيح العتمة اللي قدامنا، نزلنا السلم بحذر.. بقينا قصاد غرفة صغيرة وفي باب صغير في وشنا بس مقفول، كانت الابتسامة الممزوجة بالقلق مرسومة على وش ألبيرتير وعياش.. على حيطان الأوضة في رسومات كتير وكتابات أكتر، الكتابات باللغة العـ!! برية على ما أظن والرسومات لعقارب وأفاعي ودبان أزرق .. لما الشيخ عياش عينه وقعت على رسمة الدبان الأزرق قال..
-الدبانة الزرقة اللي شوفناها فوق ماكَنتش روح الميت، دي كانت الراصد الحارس للكنز وهو اللي معترض على وجودنا
يُتبع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى